Liberté Toujours!----أحمر

رأينا خطأ يحتمل الصواب... ورأي غيرنا .....زي ما انتو شايفين

صورتي
الاسم:
الموقع: Palestine/World

الاثنين، يوليو 31، 2006

عتابا - صبابا




لما إجا الصهيوني راكب "ميركبا"
وبضربة البي – سفن عن خيله كبا
وقلبت الحلوة على اللي بيركبا
ورفعت الرجلين، يا فدائي "إركبا"


أووووووووف!

الجمعة، يوليو 28، 2006

بعابيص


عندما تتلاحق الأحداث وسجالا هذه المرة (سجالا يعني أننا لسنا وحدنا نعاني، بل "الآخر" أيضا)، تهجرك القريحة وتتركك لوحدك أمام شاشة التلفاز تترقب أخبار الأحداث الميدانية بين الدعايات والفيديوكليبات وأخبار لقاءات الرؤساء والتحركات الدبلوماسية، فتهجر المدوّنة لغياب مواضيع النكد أو الكسكسة ولعدم نضوج أية فكرة تتعلق بالأحداث، باستثناء المقولة الخالدة:
so far so good

من ناحية أخرى تطلبك المدونة وتصاب أصابعك بحكّة ما نتيجة لتراكم الهرمونات الناتجة عن غريزة البعبصة التي يعاني منها معظم العزّاب في وطننا الكبير. وكحل وسط، قررت أن يستوقفني خبرين منفصلين عن دخول طرفين جديدين إلى ساحة المعركة، الاول مثير للقلق وقد حاز على تغطية إعلامية كافية، وهو تصريح الظواهري الذي يتضمن دخول منظمة القاعدة على الخطّ، وهذا يدعو للتساؤل عن كيفية هذه المشاركة: يعني هل ستنفجر قريبا السيارات المفخخة في المناطق المسيحية ببيروت، أم سيقاتل هؤلاء الشيعة الكفرة الروافض فتنفجر المفخخات في ما تبقى من الضاحية الجنوبية؟ أم أن الأمر هو فقط عملية أمريكية لربط حزب الله إعلاميا بالقاعدة لتسهيل نزول المارينز مجددا في بيروت؟ هذا طبعا إذا أخذنا بالنظرية القائمة على كون القاعدة مخلوق أمريكي يعني
agent provocateur

هذا الجزء سنراه في الأيام القادمة



الخبر الثاني مضحك شيئا ما وقد أورده وقع الشراميط نيك-بال.تفو mic-pal.info وقد مرّ عليه الإعلام "المنحاز" دون أن يكلف نفسه عناء الابتسام وهو تصريح المناضل الأشوس الصنديد الفذّ سلطان أبو العينين، مسؤول حركة فتح في لبنان، أن حركة فتح لن تقف مكتوفة الأيدي وأنها ستشارك في المعركة، والمدهش هو تزامن هذا التصريح مع تنظيرات فتح-رام الله حول تهديد تبعات مغامرة حزب الله للـ "قرار الوطني المستقلّ"، والجدير بالذكر أن هذا القرار الوطني المستقل لا يسري إلا عندما يصبح لسورية دور في الموضوع، بينما يطوى وتلفّ فيه التحف والميداليات القديمة عندما يتعلّق الامر بالوساطة المصرية أو السعودية مثلا، ولكن هذا المستقل يتطلب تدوينة مستقلة تتناوله من تلابيبه بالتفصيل.

المهم خلّينا مع سلطان أبو العينين وانضمام فتح إلى المعركة:

لو افترضنا أن الإعلام اللئيم قد حمل هذا التصريح محمل الجد مما يتطلّب ردودا وتعليقات وتألبات وتطورات من الأطراف المعنية، فمن الممكن تصور الأخبار كالآتي:

قوات فتح تستعد للتحرك من عين الحلوة إلى المغدوشة وتقيم استعراضا عسكريا في المخيم
سلطان أبو العينين يؤكد حرصه على القرار الوطني المستقل
دحلان يؤكّد استعداد الأمن الوقائي للمشاركة في البحث عن الجنديين الإسرائيليين في لبنان
عباس يؤكد حرصه على سيادة الدولة اللبنانبة ووحدانية السلطة
المجلس الثوري لحركة فتح يقرر إرسال الحاج إسماعيل جبر لتولي العمليات في الجنوب اللبناني نظرا لخبرات الحاج اسماعيل السابقة في حرب لبنان*
كتائب شهداء الأقصى تؤكد تطويرها صواريخ "سعد صايل" القادرة على حمل مواد كيماوية رح تلعن ألله أخو شرموطة
الجبهة الشعبية تطالب بحوار فلسطيني لبناني شامل ومعمّق
حسن نصر الله يوافق على مشاركة فتح بشرط ارتداء عناصرها سراويل داخلية تغطي المناطق الاستراتيجية من السرّة إلى ما تحت الركبة وبألوان غير فاقعة (حتى لا تفقع مرارتنا لرؤيتهم في الوضع القتالي الكلاسيكي)


خلص بيكفّي، والآن عودة إلى الأخبار، وما زلنا باتظار طائر الرعد، أو غودو

*توضيح إلى غير الفلسطينيين: الحاج إسماعيل جبر كان قائد القوات الفلسطينية في جنوب لبنان عشية الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وقد خلّد التاريخ الفلسطيني خطة انسحابه العبقرية التي تمكن من خلالها من إنقاذ نفسه وولاياه بهروبه في سيارة إسعاف إلى دمشق، تاركا الجنوب بدون قيادة عسكرية، مما أدي إلى انهيار سريع للجبهة وأسر عشرة آلاف فلسطيني ولبناني ووصول الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت خلال أسبوعين، وقد كافأه القائد العام للثورة الفلسطينية، ياسر عرفات، بعد اتفاق أوسلو عام 1993 بتوليته قيادة منطقة أريحا التي دخلها مع أول قوة للشرطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو، وهو على الأغلب صاحب استراتيجية الكلاسين الملونة

الثلاثاء، يوليو 18، 2006

*يسعد ألله


يسعد ألله
لما تمضي النهار في الشغل، وبعدين في مظاهرة وتروح عليك أخبار القصف، وما تسمعها قبل ثاني يوم مع أخبار ردّ المقاومة عليها
يسعد ألله لما يكون في سلاح زيّ العالم، وحاملينو رجال
يسعد ألله لما تستنّى الردّ من مرجعيون، وتشوفو في نابلس
يسعد ألله لما تصير سديروت جنب نهاريا
يسعد ألله لما تدوّر على شي نكد تكتب عنّه وما تلاقي، لأنّو حتى أخبار القمّة العربية ما عادت تستفزّك
يسعد ألله لما تنسى كأس العالم وزيدان ودحلان وعبّاس وعريقات وتتفرّج بس عالخريطة
لمّا تشوف الضربة جاي بالضبط بين الناصرة وجنين
لمّا تشوف الإسرائيلي بيهدّد وبيقول شو ناوي يعمل
لمّا يكون إنتشال جثث جنود البحرية الإسرائيلية الأربعة قبل وقوعها في يد المقاومة إنجاز كبير لأولمرت
لمّا يفرجوك جماعتهم في الملاجيء ويتمسكنوا
لمّا تشوف خافيير سولانا بيطالب بوقف إطلاق النار مع أنه رفض قبل يومين
لمّا تشوف شي بيشبه الـ إف16 عم بتسقط، وتعرف إنّه التسعة وتسعين طيّار الباقيين مرعوبين
لمّا نصر الله يطلع عالتلفزيون وما يطلب مساعدة من حدا
لمّا تشوف بطّاريات الباتريوت منصوبة عالكرمل عالفاضي
لمّا "الواقعيين" و"البراغماتيين" و"العقلانيين" يسدّو بوزهم هاليومين، لأنّو ما عندهم شي يقولوه
لمّا تحسّ، ولو حتى إحساس بسيط، إنو هالعالم اللي عم بتموت مش عم بتموت كالعادة عالفاضي
لما تكون على وشك إنّك تتفاءل، وتتذكر لمّا تفاءلت آخر مرة أيّام حرب الكويت، ورغما عن هيك بتبتسم وتحاول تتفاءل، لأنّو مش فارقة معك
لمّا تتناسى كارل ماركس والدياليتيك، والتدليك، وما تلاقي جواب غير في أشعار الزير وعنترة بن شدّاد، وتقول معلشّ لأنّو الشعور بالعار هو كمان شعور ثوري
وعشان هيك، وأكتر من هيك، وبناء عليه ، فقد قررت، مؤقّتا، أن أفرح وأن أتفاءل شويّ، وإنّو أتصالح، مؤقّتا، مع ألله

فا
يسعد ألله.... مؤقّتاً
..........

"يسعد ألله: تعبير فلسطيني (أو على الأقل نابلسي) بمعنى "مرحى *

الثلاثاء، يوليو 11، 2006

البيان في نطحة زيدان في غزوة الفرنسيس والطليان، وشرف العربان



اللاعب الإيطالي: كس إمك على إيري يا عربي إرهابي أخو منيوكة شرموط خول مبعبص إبن ستّة وستّين عرص

:زيدان
Quoi?! Moi Arabe?!!! C"est ta mére la Arabe! Tiens, fils de pute!

!ترجمة: ماذا؟ (أو: شووووووووو؟) أنا؟ عربي؟ إمك العربية! خذ يا إبن القحبة
****

ملحوظة: أغنية "دكتور" مرفقة بالنصّ حول حاجز حوّارة ولا تمتّ لغزوة زيدان بصلة ولا ثومة ولا حتى جزرة
ولذا وجع التنويح

الاثنين، يوليو 10، 2006

على حاجز حوّارة



مدخل

تقع حّوارة على المدخل الجنوبي لمدينة نابلس على طريق القدس، وفي الماضي كان الوصول إليها مرورا بالفاعدة العسكرية الإسرائيلية ما يمكن وصفه بتنفس الصعداء بعد الرحلة الطويلة من القدس على الطريق القديمة عبر مرتفعات اللّبن والتي كانت تستهلك ساعة كاملة من الزمان. ساعة واحدة؟! وكاملة!
أيّام...
سمع جيلنا بهذا الإسم لأول مرة في بداية الثمانينيات عندما قيل لنا أن العساكر اختطفوا الطفل عدنان وأخذوه في سيارة الجيب، ثم ألقوا به في "حوّارة"، وعليه فليس من المسموح لنا اللعب في الشارع حتى لا يخطفنا الجنود. لم يفهم أحد معنى هذه الحوّارة التي ألقى الجنود عدنان بها، فتخيلنا بعضا كحفرة كبيرة، وتصورها البعض دوّامة أوشيء من هذا القبيل،. عدنان نفسه لم يحصل له شيء سوى بعض الرعب (أي أن الجنود اكتفوا ببعض الصفعات... أو القبل...)، وعاد ليكون بطلا لبضعة أيام قبل أن ننسى القصة وتنساها الأمهات اللواتي عدن لتفضيل وجودنا في الشارع على ضجيجنا وعراكنا في البيت، ونسيت المدينة القصّة مع وقوع احداث جديدة، وعاد عدنان إنسانا عاديا يتلقى الصفعات من الأطفال الأكبر في الشارع، مثلنا تماما، ولكن ظلّت "حوّارة" على العموم عالقة بأذهاننا كـ "نهاية العالم" أو "آخر الدنيا" كما التعبير النابلسي.


مقدمة نظرية


حوارة التي كانت في الماضي "آخر الدنيا"، صارت اليوم نهاية النهايات، وتحوّلت إلى معبر حدودي بمعنى الكلمة تتضاءل أمامه معابر رفح وجسر أللنبي، وهي العقبة الكأداء (كيف هالكلمة؟) أمام أي رحلة إلى العالم الخارجي قبل أن تلاقيك حواجز أخرى متحرّكة أو ثابتة، قبل أن تصل إلى الجسر أو إلى معبر حدودي جديد أمام مدينة أخرى ليست ببعيدة.
في حوارة يكون الشيء الأهمّ لصحّتك النفسية هو أن تتجاهل إنسانيتك، وأن تترفع على عوامل الطقس فتبتسم كسائح للشمس المحرقة (لنسميها هنا ... المشرقة) وتضحك كطفل للمطر، وأن تنسى أننا شعب في مواجهة أي شعب مناضل حتى لا تدفعك خيبتك من هذا المجموع إلى العمالة أو إلى مزيد من الكحول، والاهم من هذا كلّه هو أن تنسى عامل الوقت. هنا نعدّ لوقت ببساطة بالأيام، أما الساعات فهذه تنظر إليها في وسط المدينة إذا تأخر سائق العربة التي أمامك أمام إشارة مرور ا زالت صفراء، أو تباهي بماركتها إذا كنت ممن أنعم الله عليهم.


استهلال


ذات ظهيرة أمام الحاجز. مئات "المواطنين" يتكدسون أمام بابين معدنيين دوّارين متجاوري، أحدهما للنساء والآخر للرجال. الباب يتسع بالكاد لشخص واحد، أما الحقائب فيمكنك إرسالها على ظهر حمار إلى الجانب الآخر. الأفراد يمرون بإشارة من الجندي تباعا (نفر نفر) من الباب، ثم يتجه الشخص وبندقية الجندي مصوبة إلى رأسه إلى باب كاشف للمعادن حيث يخلي جيوبه، ويمر..
في هذا النهار كانت أغلبية الموجودين من الرجال، في حين اصطفّت بضع عشرات من النساء أمام الباب الثاني. نذكّر هنا بأن الفصل بين الجنسين هو قانون غير مكتوب اتفق عليه وضعيا في الجانب العربي وهذا يحكم التدافع والألفاظ النابية التي قد ترافقه، فالكلّ لديه حالة طوارئ والكل هنا منذ الصباح، والكل "مش وشّ بهدلة" وأصغر ولد يصرخ في وجهك "إنت مش عارف مع مين بتحكي!"، يعنى كل يقول أللهم نفسي..

الجانب النسائي لا يبدو أفضل، لكن العدد أقلّ أي أن هناك أمل أكبر بالمرور خلال فترة أقل. جميع النساء محجبّات، وطبعا الاختلاط فتنة.
يظهر قجأة جسم نسائي غير محجّب، يعني فتاة ترتدي قميصا (طويل الأكمام) وبنطالا أو شيء من هذا القبيل، ونا تتحرك شوارب الرجال، ويتلاشى الاحترام المصطنع للسيدات، وتتحرك أشياء أخرى.
- شو شكلها طويلة اليوم!؟
- أني عارف؟! طيب إزا ما فشّ كتير نسوان خلّينا نروح نصفّ هوناااك!
- يعني هلقيت عشان هادي المدام صار الباب كلّه محجووز؟
.....
وهكذا، ثم تتوجه مجموعة من الشباب إلى الباب الآخر وتدخل في جدال مع النسوة، ويتعالى اللغط

رجل في أواسط العمر يرتدي عباءة وكوفية تقليدية، يبدو عليه الوقار يشعل غليونه ويعلّق بلهجة تميل إلى البداوة:
يعني هاظا كله عشان الـ "شقفة" اللي هناك؟!
ثم يمسّد شاربه ويهزّ رأسه على طريقى العارفين ويستطرد:
"بسّ إيه والله هيّ البنت فعلا "شقفة!"


نهايته


شاب على رأسه نظارة ماركة ريبان مرفوعة و"شكله مش من هوني" يبدي تضايقه من الفوضى الذاتية والإذلال الموضوعي، ويحتجّ ويتشاجر مع الجميع، مع الشعب "الصامد" النذل الذي لا يعرف الاصطفاف بالطابور، مع أصحاب الحمير.. الحمير الذين يتعاملون بـ "حقد" مجهول الأسباب مع الحقائب وبأكاديمية مذهلة مع الواقفين، وبالطبع مع الجندي خلف الحاجز الذي توقف عن الإشارة للقادمين لانشغاله بتذوّق فنجان القهوة وبالتدخين، أو بالحديث مع مجنّدة حسناء، أو بعدّ خصيتيه..
أخيرا جاء دور صاحبنا الذي نجح بحركة بهلوانية بالتعلّق بالباب الدوار والمرور محبطا مجاولة أحد "المهمّين" تجاوزه. وصل إلى كاشف المعادن، نظر إلى الجندي باختقار و"شموخ"،والنظارة الريبان مقلوبة على رأسه أفرغ جيوبه ومرّ، و... بيييييييييب!
رنّ الكاشف، فتحفّز الجندي الذي يصوّب البندقية، بينما ابتسم الثاني بخبث وأمره بعربية مكسّرة: إغجاع ماغّا تانيه وإشلاخ إل بوت".
خلع حذاءه ومر مجددا، ورن الكاشف مرة أخرى.
الجندي: إشلاخ إل إشات
خلع الحزام ومرّ، بييييب!
الجندي: إشلاخ الكميس
الجندي الثاني يصوب ما زال يصوّب البندقية إلى رأس الشاب
خلع القميص
بييييب
القميص التحتاني
بييييب
الجوارب
بييييب
البنطلون
وما زال الـ بيييييب، والعرق يتصبب من جبين الشاب الذي بدأ يعتريه الخوف من الجهاز والجندي ودماغه يحسب كل الاحتمالات، وانخلع قلبه بعد أن لم يبق شيء يخلعه
الجندي يكتم بالكاد ضحكته: خلاس، إشلاخ إل.... نظّارة!

الأربعاء، يوليو 05، 2006

ميسلون


نفض يوسف العظمة الغبار عن بزته العسكرية التركية وصاح بالرجال مستعجلا إياهم في بناء التحصينات. كانت شمس تموز تحرق العشب وتلهب جلود الرجال المهمكين في حفر الخنادق. نظر إلى الثقوب التي بقيت في قمصلته بعد انتزاعه الشارات التركية أثناء الثورة، ثم انتزاعه بعنف أكثر الشارات الهاشمية ليلة أمس عندما قبل الأمير فيصل إنذار الجنرال غورو وانتشر أتباعه يدعون المدينة للالتزام بالهدوء وعدم تعكير صفو الوساطة البريطانية.
تأمل جيشه الصغير. هذا إذن ما بقي من الثورة العربية والحكومة الأولى. خليط من الألوان يضاف إلى المشهد الصيفي: عساكر ببزّات تركية مهترئة، قليل منها يلائم حجم لابسها، متطوعون بثياب مدنية وريفية، قبضايات دمشق يحملون البنادق ولا يتخلّون عن النبابيت، خليط من البنادق البريطانية والألمانية وبضعة مدافع من حطام الجيش التركي، ورايات رباعية الألوان جلبها البدو مع فيصل..
الآن بات واضحا لماذا رفض الحلفاء الإنجليز تزويد فيصل بالمدافع أثناء الثورة على الأتراك، وما زال الأحمق ووالده يناشدهم للوساطة..
كانت الأشياء في بواكيرها، فلم يكن "الانكسار الجميل" و "الهزيمة الشاعرية" قد اخترعا بعد، وكان الانتصار الرمزي أو الأخلاقي لا يزال عفويا ويأتي في السياق وبدون استراتيجيات حداثية، كان العار عارا ولم تكن الخيانة، بعد، وجهة نظر،
ولم تظهر بعد الكلمات السحرية التي تحلل الموقف بالإمبريالية وخيانة الكومبرادوريين وعجز الإقطاع والبورجوازية الناشئة وتبشّر بالحتميات، فأسعفته المخيلة بصورة الحكواتي وهو يلوّح بسيفه ويقرأ وصية كليب التي كتبها بدمه على البلاطة لأخيه الزير سالم:



وأول شرط اخويا لا تصالح
وثاني شرط أخويا لا تصالح

......................


هديت لك هديه يامهلهل عشر أبيات تفهمها الذكاه
أول بيت أقوله أستغفرالله أله العرش لايعبد سواه
وثاني بيت أقول الملك لله بسط الآرض ورفع السماء
وثالث بيت وصي باليتامى واحفظ العهد ولاتنسى سواه
ورابع بيت أقول الله اكبر على الغدار لاتنسى أذاه
وخامس بيت جساس غدرني شوف الجرح يعطيك النباه
وسادس بيت قلت الزير أخي شديد البأس قهار العداه
وسابع بيت سالم كون رجال لآخذ الثار لاتعطي وناه
وثامن بيت بالك لاتخلي لاشيخ كبير ولافتاه
وتاسع بيت بالك لاتصلح وأن صالحت شكوت للاله

وعاشربيت أن خالفت قولي فأنا وياك الى قاضي القضاه
.....



. تصرّف بالأمس كضابط لا يريد أن يخون بزّته مرة أخرى: أمر بإعدام من يدعو للتسليم، وجمع بقايا الجيش والمتطوعين، ومضى غربا عبر شوارع المدينة الخاوية بعد هروب البدو بما خف حمله واختباء السكّان
تصرّف كإبن مدينة يأبى سقوطها دون قتال بعد أن تخلّى عنها من كان بالأمس يتنازع على حكمها ويتبختر بالسلاح، فأودع ماله لدى صديق أوصاه على ابنته الوحيدة، وكوى البدلة العسكرية للمرة الأخيرة،وجمع القبضايات ومضى

تذكر الأغنية التي سمعها أمس تتهكم على فيصل: هاذي دول بدها دول، راعي غنم ما يردّها، فنفض مخيلته بصورة الوزير العطار يلاقي جيش إيزابيلا وحيدا على جسر غرناطة، بعد استسلام أبي عبد الله الصغير

أعلمه مساعده بإتمام تلغيم الممر الجبلي، فأمر الرجال باتخاذ مواقعهم في الخنادق، والانتظار
...
كان يعلم أن فيصل ورجاله يتجهون الآن جنوبا، وعلى الأغلب سيذهب إلى حيفا ليركب البحر
كان يعلم أن تجّار دمشق منهمكون في اختيار من يمثلهم لدى تقديم فروض الطاعة للحاكم الجديد،
كان يعلم أن الألغام فاسدة ولن تنفجر، ولكنه كان أيضا يعلم أن الاعتقاد بفاعليتها هو ما يبقى معظم الجنود في مواقعهم

كان يعلم أنها معركته الاخيرة
يوم جميل للموت، وبعد قليل سيأخذ معه فرقة الشرف ليقابل إله الحرب
لن تسقط المدينة دون قتال
وحده هو واقف، وبداخله الجنرال، ووراؤه دمشق، وامامه... لا لن يفكّر الآن بما أمامه
فقط وراؤه
دمشق، وراؤه
دمشق
فيصل والبدو يشقّون الصحراء جنوبا مخلفين الرايات رباعية الألوان
فرساي
غورو
كرزون
لا لا، دمشق، وراؤه
دمشق
رسل العدو تدعوه إلى الاستسلام بدون شروط وتضمن محاكمة عادلة للمتمردين
دمشق، وراؤه
أقبل جيش "الآخر" بأعلام الـ "حرية إخاء مساواة"، يقوده جنرال أكتع يتحسس بيده الوحيدة صليبه
...
دمشق
وراؤه
دمشق
دمشق
وانفتحت أبواب الجحيم
ولكن وراؤه دمشق التي لن تسقط دون قتال
قبض على سيفه ورفعه عاليا في الهواء، ثم هوى به إلى الأسفل آمرا الجنود بإطلاق النار