Liberté Toujours!----أحمر

رأينا خطأ يحتمل الصواب... ورأي غيرنا .....زي ما انتو شايفين

صورتي
الاسم:
الموقع: Palestine/World

الأربعاء، نوفمبر 16، 2005

كيف تقضي على انتفاضة؟

في حين تم التركيز إعلاميا على الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، حيث حاول الصهاينة بتطويل أمد الانسحاب تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والإعلامية وابتلاع المزيد من أراضي الضفة الغربية، تزداد الأزمة الداخلية الفلسطينية عمقا بعد أن بدأت التناقضات التاريخية التي تحملها الحركة بالظهور مجددا على السطح وفشلت كل محاولات كنسها تحت البساط في حوار مصطنع جديد. الدور الثقليدي الذي اعتاد عرفات لعبه في حفظ التوازن بين حركة مسلحة من ناحية وموقف سياسي تفريطي من ناحية أخرى، هذا الدور تحول إلى دور مبتذل حين حانت استحقاقات الاتفاقات التي وقعتها قيادة منظمة التحرير والتي توجب على السلطة التي قامت على أساسها الحفاظ على الأمن (أمن الكيان الصهيوني) والقضاء على "الإرهاب". من ناحية أخرى تتعمق أزمة المقاومة التي لم ترق قياداتها السياسية إلى مستوى الزخم الشعبي وحجم التضحيات التي قدمت، وبقيت عاجزة عن تطوير برنامج سياسي بديل عن البرنامج التصفوي الذي قامت على أساسه سلطة أوسلو، وباسم الوحدة الوطنية لم تكتف فقط بالتعايش مع السلطة، بل ولم تجرؤ على التشكيك بشرعيتها وبتمثيلها للشعب الفلسطيني أو على طرح أي برنامج بديل، مما سهل على سلطة أوسلو وزُلمها.
تمرير التنازل تلو التنازل وإجهاض الانتفاضة منهجيا وبصورة مقاربة للطريقة التي تم فيها إجهاض انتفاضة الأعوام 1987-1993.


إذا عدنا بالذاكرة إلى عام 1992، أي إلى عام بدء مفاوضات مدريد وبدء مسلسل تصفية الانتفاضة الفلسطينية الذي توج باتفاق أوسلو المشؤوم، يصير بإمكاننا استقراء الآلية التي يتم بها الآن تصفية الانتفاضة الحالية على يد من يدّعون تمثيل الشعب العربي في فلسطين من أجل تمرير اتفاق أشد بلاء هذه المرة. تلك الفترة التي أعقبت حرب الكويت والتي طغت عليها مرحلة بدء الهيمنة الأمريكية على العالم فيما سمي بالنظام العالمي الجديد وغياب حالة التوازن التي ارتبطت بوجود الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكيةـ، وحالة العزل التي عاشتها منظمة التحرير الفلسطينية عربيا وعالميا والتي سهلت على التيار التفريطي داخل المنظمة المضيّ قُدُما بالحل التصفوي الذي طالما ناضلت المقاومة الفلسطينية ضد فرضه، ولازم هذه الفترة جماهيريا حالة إحباط وصدمة سهلت فرض الاتفاقية بدون مقاومة تذكر. إن من باب التبسيط أو التسطيح تقديم حالة الإحباط والإرهاق تلك كرد فعل على هزيمة العراق والأزمة التي أعقبتها، فالانتفاضة الفلسطينية كانت قد انحرفت عن مسارها واختلّت آلياتها قبل دخول الجيش العراقي الكويت وبالتحديد في بدايات عام 1991 عبر ممارسات منهجية من طرف القيادة المتجهة نحو الحل التصفوي يمكن تلخيصها بما يلي:

أولا: تمييع الهدف السياسي للانتفاضة وعدم وجود استراتيجية نضالية توحد عمل الفصائل الفلسطينية

ثانيا: استحواذ الفصائل على العمل الجماهيري وتغييب دور المنظمات الشعبية، أي القضاء على كافة أشكال ديمقراطية القاعدة والتركيز على "النشاط النخبوي"، حيث تم بالتدريج تغييب العمل الجماهيري لحساب العمل الأمني (تجاه الجماهير) والتنافس على السيطرة على الشارع. من خلال مبالغة الفصائل في استعراض سيطرتها تحول العديد من فعاليات الانتفاضة إلى شكل من العقاب الذاتي الذي أضر بالفلسطينيين أكثر مما أزعج الاحتلال، ومثال على ذلك الإضرابات المتكررة التي صارت في النهاية وسيلة لإظهار كل فصيل أكثر مما هي وسيلة احتجاج وضغط، فبات من المضحك مثلا أن تقفل المصانع الفلسطينية وتتوقف عن الإنتاج التزاما بالإضراب، في حين يواصل من يعمل في المرافق الإسرائيلية التوجه إلى مكان العمل خوفا من الطرد!

ثالثا: تجميد كل محاولات الاقتصاد الشعبي والاعتماد الذاتي وربط العمل الانتفاضي بالأموال التي أغدقت بغزارة ومن كل القيادات على الأطراف الموالية، مما أدى إلى إضعاف النخبة المناضلة وتقوية أو خلق قيادات بدون محتوى سياسي يحركها المال، وهذه بدورها وجدت بفعل الأزمة الاقتصادية والبطالة قاعدة تنظيمية من المرتزقة من أجل تعزيز سلطتها.
رابعا: تضخم الأجهزة الأمنية والقوى الضاربة على حساب المنظمات الجماهيرية ومنافسة الأولى للثانية حتى على السيطرة على الجامعات والمدارس وأماكن العمل السياسي الجماهيري. تمّ هذا من أجل توفير قاعدة أمنية واستخباراتية لسلطة الحكم الذاتي المنتظرة تمكنها من قمع معارضي الاتفاق ومن تلبية استحقاقاته الأمنية. وهنا وقعت الحركة الإسلامية بنفس الفخ حيث سخرت جزءا هاما من قواها في المواجهة مع فصائل منظمة التحرير، واستغلت الإيديولوجيا الدينية في هذه المواجهة بل ووصل الأمر ببعض دعاتها إلى تكفير أعضاء وقيادات التنظيمات الأخرى، وانهمك أعضاؤها في محاولة فرض الحجاب وملاحقة ذوات السراويل الضيقة في الأزقة عوضا عن تصعيد المواجهة ضد الاحتلال. هذه الحرب الأيديولوجية بالذات أفقدت الحركة الإسلامية طابعها الشعبي وإمكانية تكوين بديل سياسي، حيث أدت وقتها إلى نفور النخب العلمانية المعارضة للاتفاق عن التعاون مع الإسلاميين، ولم تساعد أسلمة بعض شرائح المجتمع على درء اتفاق أوسلو ولم تحم الانتفاضة من التصفية.

خامسا: اصطناع حالة من الفوضى وانعدام الأمن عن طريق نشر عصابات من البلطجية المحسوبين على فصيل معين للسيطرة على الشارع والتحرش بالناس، علاوة على التحرشات بين الشلل المحسوبة على نفس التنظيم، مما خلق حالة من الإحباط والتململ لدى الناس ودفعهم لتقبل أي حل يعيد الأمان والنظام، وهكذا يأتي رب نعمة هؤلاء البلطجية ليفرض النظام (ونفاجأ فيما بعد بالبلطجية أنفسهم داخل تلك الأجهزة المكلفة بحفظ النظام!)

سادسا: نتيجة لعدم وجود برنامج سياسي بديل لدى الفصائل المعارضة، تبدأ كل منها بحشد قواها واستعراض شعبيتها أمام الأخرى وبدون محتوى سواء في الانتخابات أو بعرض العضلات، مما يؤدي إلى تمييع الموضوع في نزاعات هي في أغلبها شبه قبلية وبدون برامج سياسية، ليتم تمرير الاتفاق وتقبله بذريعة الوحدة الوطنية ودرء خطر الحرب الأهلية
هذه كانت الآلية التي أنهيت فيها الانتفاضة الأولى التي لفظت أنفاسها الأخيرة في اشتباكات فتح وحماس وبتنافسهما في انتخابات الغرف التجارية عام 1993 والتي صرف عليها الملايين من الدولارات دعاية وشراء للأصوات ليتم بعدها تمرير اتفاق أوسلو المشؤوم، وما أشبه اليوم بالبارحة حيث يتم وبنفس الآليات تفريغ الانتفاضة وتمرير ما يسمى بخارطة الطريق التي ما هي إلا استسلام تام لإرادة العدو وهدر لكل التضحيات التي قدمها شعبنا خلال الأعوام الماضية.

1 Comments:

Anonymous غير معرف said...

اخ،
يلعن الله شو العمل?!

29 يناير 2006 في 12:40 م  

إرسال تعليق

<< Home