Liberté Toujours!----أحمر

رأينا خطأ يحتمل الصواب... ورأي غيرنا .....زي ما انتو شايفين

صورتي
الاسم:
الموقع: Palestine/World

الاثنين، نوفمبر 21، 2005

كامل الأوصاف

بعد أن انقضى العمر وتفرق الرفاق، وأفلست أحزاب ونضبت خزائن، جلس صاحبنا بديع الزمان الحرباوي يجتر ذكريات أيام النضال التي خلت وينظر حاله اليوم بعد أن مضى العمر ولا تقاعد ولا معاش بعد أن جفّت الموارد، ويحاول بلا جدوى أن يفهم سبب نكران الشباب الأرعن ورفضهم قبوله كأب روحي والاستماع إلى أقاصيص نضالاته ومغامراته قبل عصر الإنترنت وعلى ما يبدو قبل عصر الكتابةـ، أي أيام التاريخ الشفوي) أو كمستشار يلقي عليهم مواعظه الأخلاقية البراغماتية ويعلمهم الحنكة السياسية والمواقف الوسطية. المهم أنه قلّب الأمر من جهاته الستّ حتى التمعت في ذهنه الحاد فكرة بدت له عبقرية أضفت على وجهه مسحة من لون نضر (عادة بأخذ لونه لون المحيط أو البقعة التي يجلس فيها)، فسلّ ورقته واستل القلم، وشرع يكتب الإعلان التالي:

كامل الأوصاف

"معروض برسم البيع على كل الأحزاب والهيئات كمستشار أو كمرجعية تاريخية أو إقليمية، أو كمندوب مبيعات أو كخادم أمين أو أي وظيفة مع حفظ المقام ومراعاة السنّ.
سياسي محنّك لبرالي محافظ قومي عولمي اندماجي علماني إسلامي حسب الطلب ولكل المواقف"

حكّ قرعته للحظة ثم قرر شطب كلمة "إسلامي" فهذه كلمة قد يساء فهمها اليوم، كما أن صديقه اللدود عبد الغني السقّا قد استحوذ على هذا الجزء من السوق ومن الصعب زحزحته عن سوق الدين، خاصة بدون مسجد قطاع خاص… واصل الكتابة: "بديل علماني تنويري عن الإسلاميين، بديل براغماتي عن الراديكاليين، مع الحقوق الشرعية وضد الإرهاب، ضد الاحتلال، مع المقاومة وضد العنف (؟) ومع التفاهم والحوار بين الشعوب" هذه ستعجبهم! "ذو نظرة حنونة قادرة على حشد الأصوات وصاحب رصيد شعبي و …"

هنا مسح نظارتة وعبس وتولى، هذه صعبة، فالملاعين رجال الأجهزة لا يدفعون الثمن قبل التأكد من جودة البضاعة، وكيف أقنعهم بالرصيد؟! بديل علماني؟ هؤلاء العلمانيون الملاعين إما عقيمون معروضون للبيع بأثمان أرخص، أو متطرفون لا يفهمون روح عصر التنازلات ولا يمكن رشوتهم بمجلة ملوّنة، علي أن أكون أكثر براعة!
أولا عليه أن يسوق نفسه كمناضل وناشط سياسي من الطراز الأول، وطبعا بحكم السنّ وبرد البلاد الذي يجعل العمل السياسي في الشارع تضحية حقيقية، يبقى الإنترنت الطريقة المثلى والأرخص عمليا، وإلى أن تجود القريحة ببيان أو مقال يرضي جميع الأطراف، ليس أسهل من نسخ وإعادة إرسال المقالات الجاهزة، ما يعطي انطباعا عن نشاط إعلامي مكثف. طبعا عليه الظهور كمطّلع على خفايا الأمور وكمصلح اجتماعي، شخصية معتدلة ورجل حلول وسط (طبعا مع أخذ جانب الأقوى إذا تعذرت الحلول الوسطية)، وأيضا الظهور إلى جانب الشخصيات المهمة والالتصاق بها محاولا كسب أهمية ما أمام الآخرين واكتساب علاقات جديدة بتسويق نفسه أمام هؤلاء كمثقف وكمناضل عتيق (هذه سهلة لكل شاب تغرّب أو عجوز مات جيله، فما بالك بمن يجمع كلا الصفتين؟).
بعد كل هذا تأتي جوهرة التاج: إقناع الزبون بجودة اليضاعة (في أغلب الحالات الزبون هو الحزب ال... لمرونة هذا الحزب ولامبدأيته التي تميزه عن الأحزاب الأخرى وتسمح له كجزء من نظام الدولة باستيعاب التيارات المتناقضة، ولكن هذه حكاية أخرى).
ثم جاء يوم الانتخابات: تحالفات ومراهنات وتنازلات جذرية، ومجلات ملونة لمّاعة وحزب له في كل مقام مقال مختلف، ومتسلقون على مقاس القدم و… وفشل المشروع بفارق ضئيل في الأصوات، فالانتخابات تحتمل الربح والخسارة، وبعدها عادت الأمور إلى مجاريها ليلحس الحزب وعوده ويعود إلى حياته اليومية، وإن احتفظ في كمّه بالأوراق المهمة للجولة القادمة ورمى الأوراق التافهة، وبينها صاحبنا الذي لم يتوفر له الوقت الكافي للتطور.
بعد انتهاء الانتخابات وهزيمة الحزب ال.. جلس صاحبنا وأشعل الشموع بانتظار نظرة امتنان أو حتى عطف من معبوده المهزوم قاسي القلب الذي لم يلتفت إليه ونسيه، عله يجود بنظرة. ربما تعلّم صاحبنا ألا يضع كل البيض قي نفس السلة أي أن يعرض خدماته لأكثر من زبون، ولكن لكون صاحبنا حريصا في الملمّات وقد علّمه الزمان ألا يطفئ شمعة قبل أن يجد غيرها (هذا له علاقة بالتغيرات اللونية التي تحتاج لضوء ما)، فقد بقي يداري شمعته ويلعن كل نسمة جديدة تهب في هذا البلد.

في نهاية هذه القصة لن نطرح السؤال التقليدي "هل عرفتموه؟"، فلدينا الكثير من هؤلاء، وإذا أمعنتم النظر تجدونهم في كل زاوية ضوئية وبكلّ الألوان. وحتى لا نغضب أحدا بـ "انتهى الدرس يا غبي!"، نقول لهم: وفروا شموعكم، فالأيام القادمة أكثر حلكة.

ملحق: خبر لا يستحق التعليق:

أصوات عربية تدعو إلى تفعيل نشاط الجالية العربية
بمناسبة الإنتخابات الأخيرة ، وفى جلسة ثقافية من جلسات رابطة الثقافة العربية بعد مأدبة إفطار يوم السبت الماضى (2005.22.10)
دعت بعض الأصوات إلى العمل على دعم وتفعيل الجالية العربية ، وأبدى الأعضاء ضرورة
تدعيم العرب الذين يحتلون مراكز مرموقة داخل الأحزاب ـ مهما كانت هذه الأحزاب ـ للعمل على الإستفادة من تنافس الأحزاب بغرض إندماج الجالية العربية ......

إن أي تطابق مذهل بين الشخوص المتناولة في هذا المقال وبين شخصيات حقيقية هو محض صدفة … خير من ألف ميعاد!