!ردّ فعل أولي: خوش رموز
في إحدى العواصم التقينا مجددا للدفاع بنفس المازوشية عن تلك الرموز التي حكمت تاريخنا المعاصر على مدى عقود مضت وكتب تاريخها بدمنا، رموز تجسدت من فائض رمزية القضية وصارت تمشي على أقدام ولها أسماء تبدأ بـ "أبو" لتنتهي بإسم يعطي جواب القرار. رموز أنستنا الهزيمة وانتصارنا الرمزي المفرط في التجريد محاكمتهم بعد كل مرحلة ساقونا خلالها عبر الجحيم لنخرج فاقدين بعض الأحبة وأحيانا بعض الأعضاء، ومحتفلين بنصرنا الرمزي الذي يطالعنا دوما بابتساماتهم
هاهم يجلسون أمامنا اليوم في لقاء من أجل الدفاع عنهم أمام من يعمل على تصفية القضية برمّتها أي بـ"عجرها وبجرها" الذي هو هم! تطالعنا هذه الوجوه التي لم يفعل فيها الزمن فعله في وجوه أناسنا البسطاء فلا تجاعيد تذكرك بزيتون البلاد ولا عيون غائرة تنظر للبعيد بالتباس الماضي بالمستقبل. وجوه حليقة ناعمة مدلكة، تجاعيد لطيفة لا تعبّر إلا عن فائض الدهن وضجر الراحة، مساحيق لمّاعة ونظرات كما تعودناها في التلفاز ومجلات الثورة أبوية ومعدّة لإقناعك بأنها حنونة ومتفهّمة وبأن وراؤها دماغا يعرف كل شيء ويتفّهم مواقفك وشكوكك ويعلم ما لا تعلمون…
مؤخّرات اختلف العلماء في دورها في صناعة القرار الوطني المستقلّ ورقاب اختفت واتصلت بخلفية الرأس تشككك في إبداع ناجي العلي الذي تكتشف أنه لم يرسم صورا كاريكاتوريّة خلاقة بل اكتفى بالتصوير كرسّام كلاسيكي من الدرجة الثانية، هذه المؤخّرات تعبر القاعة متأخرة وسط تصفيق الحضور الذي يقطع قول الخطيب و تجلس على مقاعد الصف الأول التي أبقيت خالية في انتظارها، فهي تخص ضيوف الشرف الذين من أجلهم أعد اللقاء.
يواصل الخطيب كلامه فيرجع الرأس (رأس القائد الرمز) إلى الوراء استحسانا فتندمج الذقن بالحنجرة ويأخذ الوجه طابعا هلاميا فلا تعرف أين يبدأ وأين ينتهي سوى من الهزّات البطيئة التي يقوم بها ناظرا إلى الخطيب أو الجمهور بمشروع نظرة عظمة وبابتسامة تلفزيونية كان لها فعلها في زمن خلى ولم تعد اليوم سوى ابتسامة بلهاء لشخص ضبط متلبسا بعمل شائن أو تعود على رأي مظفّر النوّاب لشخص فاجأه الحيض، فللسن عمله في نجاعة هذه الحركات المدرّبة وللتاريخ فعله في زعزعة مصداقيتها وتأثيرها.
تقنع نفسك بالتزام الهدوء وتجهد عضلات وجهك (لاحظ أن الآن قد جاء دورك لاتّخاذ الحركات المدرّبة) لاتخاذ طابع حيادي، فهؤلاء "…في النهاية هم الرموز والقادة وأنت هنا من أجل الدفاع عنهم وليس هذا وقت تصفية الحسابات لأنّ القضية "تمرّ اليوم في
يأتي دور الرمز للكلام أو يتكلم بلا دور (منظم الجلسة سيسكت من أجله المتكلم النظامي) ليذكرنا بأنه هو الذي أسس وناضل وعانى منذ أول قطرة مطر دلفت من صفيح سقف بيت في المخيم وليعدّ علينا أسماء من استشهد من الرموز قبل أن تترهّل الخدود، مهاجما شرعية اللقاء الذي نظّم بدون علم أو موافقة الشرعية الثورية ومحوّلا اللقاء الذي أعدّ في الحقيقة للدفاع عن هذه الشرعية ضد منتهكيها إلى موقع الدفاع عن النفس أمامها، فتتمالك أعصابك حتى ينجح اللقاء ويخرج بيان التأييد لهذه الرموز المهددة.
يفقد أحدهم أعصابه فيسائل حين يأتي دوره في الكلام الأخ القائد الرمز عن ذمته المالية التي اضطر المنظمون إلى رش القاعة بالمعطرات من أجل التغطية على رائحتها، فيرد الرمز بأن "كول خرا" (!!)، ويقف شاتما المؤتمر والمؤتمرين الذين يسمحون لأمثال هذا بالكلام وتعبر مؤخرته القاعة مجددا إلى الخارج، فترفع الجلسة إلى أن يتم طرد الأخ السائل الذي أبى الاعتذار واسترضاء الرمز حتى يعود.
ترفع حاجبيك عندما يقف الذين ينتظرون مرتّب آخر الشهر مطالبين المنظمين بالاعتذار عن دعوة أمثال ذاك المسائل الوقح، وتنفجر بيضاتك وأنت تنظر إلى الثوريين وهم يعتذرون إلى القائد الضرورة (مرحليا) ويذكروننا بمراحل التأسيس وبشهدائها، وتواتيك رغبة بالقيء عندما يتكلم هذا مجددا عن الشرعية الثورية وضرورة إعادة الاعتبار إلى المؤسسة التاريخية ضد الخونة الذين يعملون على تصفيتها، وتكتم سؤالك عن الكيفية وأنتم مازلتم …أنتم،
تغادر القاعة إلى المرحاض ووراؤك عاصفة التصفيق تدوي تحية للرمز.
3 Comments:
"عندما يقف الذين ينتظرون مرتّب آخر الشهر مطالبين المنظمين بالاعتذار عن دعوة أمثال ذاك المسائل الوقح، وتنفجر بيضاتك وأنت تنظر إلى الثوريين وهم يعتذرون إلى القائد الضرورة (مرحليا) ويذكروننا بمراحل التأسيس وبشهدائها، "
بعرض ربك, ما عم تحكي عن عبد الرحيم ملوح ؟ :)
Well Mallouh is in some hospital with a broken face. A pity it was broken by the zionist and not by the comrades.
The tragedy is that you have many Mallouh-type "comrades" asking you to appologise to a Fatah symbole. So not only your eggs would explode...
my "eggs" are scrambelled allready :)
إرسال تعليق
<< Home