سجع الكهّان" في ما تيسر من أخبار دحلانستان"
وفي طريق عودته من الديار المصرية، طار شيخنا بالحمار، وعبر الجدار، ومر بأراض منسية تحررت ثم "شرمت"، فتدوّلت فانقسمت، ثم حط في أرض غزة، وبعد أن روى ظمأه، بحث عما يقضي فيه وطره ويقيم "فيشه"، بعد أن أن أنهكته في مصر الشيشة فبحث عن دار مومس من جماعة تونس، فقيل له هي في حاضرة يقال لها خانيونس، يمثلها في البرلمان أربعة من الإخوان، وواحد من خبيث الجان، يقال له دحلان، فسأل من ذا دحلان وما خبره؟ فقال محدثه (وقد غطى إسته بيده) أصابعه في كل مكان، هو الغائب الحاضر والخافي المتجلي، يلعب بالبيضة والحجر، وهو في غزة العزيز المقتدر، وهو اليوم قد طفق يحارب السلفية، حفاظا على ثقافتنا الوطنية من عبث الأفغان، ومن لف لفيفهم من حمساويين وأتباع لطهران.، فاستعاذ شيخنا من الشيطان، ثم قصد المكان.
وعند مدخل البلد عقل الحمار قبل أن يتوكل، وطفق يتسقط الأخبار ولسماعها يحوقل، وإذا بدوي انفجار على مرمى حجر قدامه، أطار العمِّة، فبهت مولانا، وقال إلحقيني يمّه (وفي رواية أخرى يا أماه)، وإذا بنفر من رجال القوم يعدو، بعضهم بالكلاسين، وبعضهم ملثمين، وهؤلاء هم الأقل عزوة، والأسرع خطوة، فسألهم ماذا حصل، ولم أصاب سراويلهم البلل، فلم يجبه أحد، وغابوا في حواري البلد، ثم توالت الانفجارات، والرصاص زخات زخات، من كل الاتجاهات ونحو كل الوجهات الأربع وخامسها السماء كل على ليلاه، فانبطح شيخنا تحت الحمار، وقال ألله يرحمك يا أبا عمار (ضعيف)، وإذا برجل من الراكضين منبطح إلى جواره إسمه رزق، ويكنى بأبي عيسى لقوله تعالى "كلما دخل إليها المحراب وجد عندها رزقا"، فسأله يا أخ، علام هذا الطخّ؟ قال أما هذا فله أسباب وأسباب، لا يقدر على حصرها سوى رب الأرباب، وقد تكاثرت علينا هاليومين الأسباب والـ "أرباب" فما علمنا الشهيد ذا الذنب المغفور من رمز القولاطيرال داماج كبائع الفلافل عاشور، ولا المذبوح لثأر عشائر من المغدور في حوار فصائل، ولا العميل المعدوم من ضحية الحب اللاهب والشرف الرفيع المكلوم، وهناك من راح في شربة ماء إذ انفتحت علينا المجاري، ومنهم من قضى إثر جولة كرة قدم أو لعبة أتاري، وفوق الجميع (في السماء) طير الأبابيل، ترسله بني إسرائيل تقبض من تبقّى من القوم، وهكذا حالنا كل يوم. أما من رحم ربك وأطال عمره، فيكتفى الإخوان بالطخ على رجله، فيضعون المسدس من خلف الركبة ويطلقون، فتطير الصابونة، فتصير ساقه كالمهلبية، حتى نلحقه بالركبة الاصطناعية، وقد عزّت الصوابين والركب ، فقاطعه شيخنا وقد اعتراه همّ كرب: أويعز الصابون ونحن في بلاد زيت الزيتون؟ أموت بالمجّان في أرض تقبل أن يحكمها دحلان؟ فوالله لا أمامك إلا إحدى ثلاث: حرب لا تبقي ولا تذر، أو أن تحشش بعنف وتسكر، أو أن تنتظر حتى يفتحوا المعبر! وهذه هي الثالثة ما أنتويه إن لم يقم الحمار ويطير فورا إلى نابلس.. جبل النار.. فقال رزق مهلا شيخنا ألا دعوت لنا هناك من على جبل الطور مهبط كل الرسالات عل الله يستجيب فيرسل من يخفف الكرب ويزيل الشدة، فأجابه أحمر أن جبل الطور وإن ناء بحمل الأساطير والنعرات، فإنه لن ينوء بمثل هذه المنيكات، ولن أزعج الله النائم في الطور، بمثل هذه الأمور، أما الصابون فأبشروا به!