Liberté Toujours!----أحمر

رأينا خطأ يحتمل الصواب... ورأي غيرنا .....زي ما انتو شايفين

صورتي
الاسم:
الموقع: Palestine/World

الثلاثاء، نوفمبر 29، 2005

الانسحاب من قطاع غزة



Enjoy your freedom!!

الأربعاء، نوفمبر 23، 2005

Nidal

A normal death..
It was 1989
It was in our street
He was 15,
he was wounded,
They killed him with cold blood after he was captured..

My pain about his death is that I can not apologize any more for my last words to him..

تسعينيات القرن وقروننا

أولا أشكر اللاإفتراضي على ملاحظته الجميلة (*) حول نص الصورة الحمراء المتواجد منسلخا عن محيطه على هذه المدونة الزمخشرية، ولأن النص "منسلخ" وفيه نوع من السلخ الذاتي فقد قررت أن أسلخ لي شي تعليق على الفترة التي كتب فيها.
في فترة التسعينيات ومع تحطم كل البوصلات وتوقف الساعات (كما أعلن كل من هنتنغتون وأسامة بن لادن كل على حدة) بعد الـ"شورت" الذي ضرب اليسار العالمي، صارت الطريقة الوحيدة لمعرفة حجم الخازوق، هي الجلوس عليه وقياس "عمق الأزمة"، فجلس بعض الرفاق على خازوق ولي الأمر مدافعين عن علمانية الدولة، أو على الخازوق المأنجز نسبة إلى
NGO
دفاعا عن لقمة العيش، وبعضهم أعاد اكتشاف الله ومنير شفيق، وجلس آخرون وحدهم يتلقون الومضات النظرية من الرفيق
سميرنوف
(فودكا للّي يريد أن يسوق الشرف ويعمل حاله مش فاهم) …
(سؤال عالماشي: دخلك قطامش شو أخباره؟)

مثلا عندنا في فلسطين (سأتكلم عن فلسطين حتى يكنس كل واحد أمام بينه ولا تدب الحمية بأحد) انشغل اليسار في قضايا مصيرية جدا خاصة مع انعدام المصاري، وتزامنت محاولات إعادة النظر مع دخول سجائر الغولواز للمنطقة (وحصوة بعين فيليب موريس والـ مال ربّو)، وانهمك حزب الشعب (الشيوعي سابقا) باحتلال المواقع الإستراتيجية في المنظمات غير الحكومية وإعادة توزيع المتضامنات الأوروبيات بين الشباب على أساس إشتراكي، في حين انشغلت الديمقراطية في الصراع حول مقاعد المجلس الوطني الغلسطيني التي التهمها انشقاق ياسر عبد ربه (ياسر)، أما جبهتنا الشعبية فبموضوع إعادة تفعيل منظمة التحرير ومسألة العودة النضالية إلى أرضية أوسلو أو البقاء على أطرافها…
(طبعا في النهاية كسبها حزب الشعب الذي سيقبل جبهاويونا يديه من أجل الحصول على وظيفة في شي إنجيو وعلى خدمات أخرى)

وهكذا انقضت التسعينيات كلها إلى أن استوعبنا أن الخازوق أكبر منا لما خرج من الحلق, و"الخير لجدّام" كما يقول إخواننا في العراق، أي عرفنا في مطلع الألفين "وين الله حاططنا"
المهم أن هذا النص المسلوخ كان نهاية مرحلة، فهذه المكاشفة البرجوازية جدا أنهت سلسلة الأسئلة الجيومترية عن حجم الخازوق وأبعاده، هذه الأسئلة التي كانت في غاية الأهمية حتى يظهر عقمها ونعيد طرح السؤال، ومن الصفر نبدأ!

الاثنين، نوفمبر 21، 2005

كامل الأوصاف

بعد أن انقضى العمر وتفرق الرفاق، وأفلست أحزاب ونضبت خزائن، جلس صاحبنا بديع الزمان الحرباوي يجتر ذكريات أيام النضال التي خلت وينظر حاله اليوم بعد أن مضى العمر ولا تقاعد ولا معاش بعد أن جفّت الموارد، ويحاول بلا جدوى أن يفهم سبب نكران الشباب الأرعن ورفضهم قبوله كأب روحي والاستماع إلى أقاصيص نضالاته ومغامراته قبل عصر الإنترنت وعلى ما يبدو قبل عصر الكتابةـ، أي أيام التاريخ الشفوي) أو كمستشار يلقي عليهم مواعظه الأخلاقية البراغماتية ويعلمهم الحنكة السياسية والمواقف الوسطية. المهم أنه قلّب الأمر من جهاته الستّ حتى التمعت في ذهنه الحاد فكرة بدت له عبقرية أضفت على وجهه مسحة من لون نضر (عادة بأخذ لونه لون المحيط أو البقعة التي يجلس فيها)، فسلّ ورقته واستل القلم، وشرع يكتب الإعلان التالي:

كامل الأوصاف

"معروض برسم البيع على كل الأحزاب والهيئات كمستشار أو كمرجعية تاريخية أو إقليمية، أو كمندوب مبيعات أو كخادم أمين أو أي وظيفة مع حفظ المقام ومراعاة السنّ.
سياسي محنّك لبرالي محافظ قومي عولمي اندماجي علماني إسلامي حسب الطلب ولكل المواقف"

حكّ قرعته للحظة ثم قرر شطب كلمة "إسلامي" فهذه كلمة قد يساء فهمها اليوم، كما أن صديقه اللدود عبد الغني السقّا قد استحوذ على هذا الجزء من السوق ومن الصعب زحزحته عن سوق الدين، خاصة بدون مسجد قطاع خاص… واصل الكتابة: "بديل علماني تنويري عن الإسلاميين، بديل براغماتي عن الراديكاليين، مع الحقوق الشرعية وضد الإرهاب، ضد الاحتلال، مع المقاومة وضد العنف (؟) ومع التفاهم والحوار بين الشعوب" هذه ستعجبهم! "ذو نظرة حنونة قادرة على حشد الأصوات وصاحب رصيد شعبي و …"

هنا مسح نظارتة وعبس وتولى، هذه صعبة، فالملاعين رجال الأجهزة لا يدفعون الثمن قبل التأكد من جودة البضاعة، وكيف أقنعهم بالرصيد؟! بديل علماني؟ هؤلاء العلمانيون الملاعين إما عقيمون معروضون للبيع بأثمان أرخص، أو متطرفون لا يفهمون روح عصر التنازلات ولا يمكن رشوتهم بمجلة ملوّنة، علي أن أكون أكثر براعة!
أولا عليه أن يسوق نفسه كمناضل وناشط سياسي من الطراز الأول، وطبعا بحكم السنّ وبرد البلاد الذي يجعل العمل السياسي في الشارع تضحية حقيقية، يبقى الإنترنت الطريقة المثلى والأرخص عمليا، وإلى أن تجود القريحة ببيان أو مقال يرضي جميع الأطراف، ليس أسهل من نسخ وإعادة إرسال المقالات الجاهزة، ما يعطي انطباعا عن نشاط إعلامي مكثف. طبعا عليه الظهور كمطّلع على خفايا الأمور وكمصلح اجتماعي، شخصية معتدلة ورجل حلول وسط (طبعا مع أخذ جانب الأقوى إذا تعذرت الحلول الوسطية)، وأيضا الظهور إلى جانب الشخصيات المهمة والالتصاق بها محاولا كسب أهمية ما أمام الآخرين واكتساب علاقات جديدة بتسويق نفسه أمام هؤلاء كمثقف وكمناضل عتيق (هذه سهلة لكل شاب تغرّب أو عجوز مات جيله، فما بالك بمن يجمع كلا الصفتين؟).
بعد كل هذا تأتي جوهرة التاج: إقناع الزبون بجودة اليضاعة (في أغلب الحالات الزبون هو الحزب ال... لمرونة هذا الحزب ولامبدأيته التي تميزه عن الأحزاب الأخرى وتسمح له كجزء من نظام الدولة باستيعاب التيارات المتناقضة، ولكن هذه حكاية أخرى).
ثم جاء يوم الانتخابات: تحالفات ومراهنات وتنازلات جذرية، ومجلات ملونة لمّاعة وحزب له في كل مقام مقال مختلف، ومتسلقون على مقاس القدم و… وفشل المشروع بفارق ضئيل في الأصوات، فالانتخابات تحتمل الربح والخسارة، وبعدها عادت الأمور إلى مجاريها ليلحس الحزب وعوده ويعود إلى حياته اليومية، وإن احتفظ في كمّه بالأوراق المهمة للجولة القادمة ورمى الأوراق التافهة، وبينها صاحبنا الذي لم يتوفر له الوقت الكافي للتطور.
بعد انتهاء الانتخابات وهزيمة الحزب ال.. جلس صاحبنا وأشعل الشموع بانتظار نظرة امتنان أو حتى عطف من معبوده المهزوم قاسي القلب الذي لم يلتفت إليه ونسيه، عله يجود بنظرة. ربما تعلّم صاحبنا ألا يضع كل البيض قي نفس السلة أي أن يعرض خدماته لأكثر من زبون، ولكن لكون صاحبنا حريصا في الملمّات وقد علّمه الزمان ألا يطفئ شمعة قبل أن يجد غيرها (هذا له علاقة بالتغيرات اللونية التي تحتاج لضوء ما)، فقد بقي يداري شمعته ويلعن كل نسمة جديدة تهب في هذا البلد.

في نهاية هذه القصة لن نطرح السؤال التقليدي "هل عرفتموه؟"، فلدينا الكثير من هؤلاء، وإذا أمعنتم النظر تجدونهم في كل زاوية ضوئية وبكلّ الألوان. وحتى لا نغضب أحدا بـ "انتهى الدرس يا غبي!"، نقول لهم: وفروا شموعكم، فالأيام القادمة أكثر حلكة.

ملحق: خبر لا يستحق التعليق:

أصوات عربية تدعو إلى تفعيل نشاط الجالية العربية
بمناسبة الإنتخابات الأخيرة ، وفى جلسة ثقافية من جلسات رابطة الثقافة العربية بعد مأدبة إفطار يوم السبت الماضى (2005.22.10)
دعت بعض الأصوات إلى العمل على دعم وتفعيل الجالية العربية ، وأبدى الأعضاء ضرورة
تدعيم العرب الذين يحتلون مراكز مرموقة داخل الأحزاب ـ مهما كانت هذه الأحزاب ـ للعمل على الإستفادة من تنافس الأحزاب بغرض إندماج الجالية العربية ......

إن أي تطابق مذهل بين الشخوص المتناولة في هذا المقال وبين شخصيات حقيقية هو محض صدفة … خير من ألف ميعاد!

الأربعاء، نوفمبر 16، 2005

كيف تقضي على انتفاضة؟

في حين تم التركيز إعلاميا على الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، حيث حاول الصهاينة بتطويل أمد الانسحاب تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والإعلامية وابتلاع المزيد من أراضي الضفة الغربية، تزداد الأزمة الداخلية الفلسطينية عمقا بعد أن بدأت التناقضات التاريخية التي تحملها الحركة بالظهور مجددا على السطح وفشلت كل محاولات كنسها تحت البساط في حوار مصطنع جديد. الدور الثقليدي الذي اعتاد عرفات لعبه في حفظ التوازن بين حركة مسلحة من ناحية وموقف سياسي تفريطي من ناحية أخرى، هذا الدور تحول إلى دور مبتذل حين حانت استحقاقات الاتفاقات التي وقعتها قيادة منظمة التحرير والتي توجب على السلطة التي قامت على أساسها الحفاظ على الأمن (أمن الكيان الصهيوني) والقضاء على "الإرهاب". من ناحية أخرى تتعمق أزمة المقاومة التي لم ترق قياداتها السياسية إلى مستوى الزخم الشعبي وحجم التضحيات التي قدمت، وبقيت عاجزة عن تطوير برنامج سياسي بديل عن البرنامج التصفوي الذي قامت على أساسه سلطة أوسلو، وباسم الوحدة الوطنية لم تكتف فقط بالتعايش مع السلطة، بل ولم تجرؤ على التشكيك بشرعيتها وبتمثيلها للشعب الفلسطيني أو على طرح أي برنامج بديل، مما سهل على سلطة أوسلو وزُلمها.
تمرير التنازل تلو التنازل وإجهاض الانتفاضة منهجيا وبصورة مقاربة للطريقة التي تم فيها إجهاض انتفاضة الأعوام 1987-1993.


إذا عدنا بالذاكرة إلى عام 1992، أي إلى عام بدء مفاوضات مدريد وبدء مسلسل تصفية الانتفاضة الفلسطينية الذي توج باتفاق أوسلو المشؤوم، يصير بإمكاننا استقراء الآلية التي يتم بها الآن تصفية الانتفاضة الحالية على يد من يدّعون تمثيل الشعب العربي في فلسطين من أجل تمرير اتفاق أشد بلاء هذه المرة. تلك الفترة التي أعقبت حرب الكويت والتي طغت عليها مرحلة بدء الهيمنة الأمريكية على العالم فيما سمي بالنظام العالمي الجديد وغياب حالة التوازن التي ارتبطت بوجود الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكيةـ، وحالة العزل التي عاشتها منظمة التحرير الفلسطينية عربيا وعالميا والتي سهلت على التيار التفريطي داخل المنظمة المضيّ قُدُما بالحل التصفوي الذي طالما ناضلت المقاومة الفلسطينية ضد فرضه، ولازم هذه الفترة جماهيريا حالة إحباط وصدمة سهلت فرض الاتفاقية بدون مقاومة تذكر. إن من باب التبسيط أو التسطيح تقديم حالة الإحباط والإرهاق تلك كرد فعل على هزيمة العراق والأزمة التي أعقبتها، فالانتفاضة الفلسطينية كانت قد انحرفت عن مسارها واختلّت آلياتها قبل دخول الجيش العراقي الكويت وبالتحديد في بدايات عام 1991 عبر ممارسات منهجية من طرف القيادة المتجهة نحو الحل التصفوي يمكن تلخيصها بما يلي:

أولا: تمييع الهدف السياسي للانتفاضة وعدم وجود استراتيجية نضالية توحد عمل الفصائل الفلسطينية

ثانيا: استحواذ الفصائل على العمل الجماهيري وتغييب دور المنظمات الشعبية، أي القضاء على كافة أشكال ديمقراطية القاعدة والتركيز على "النشاط النخبوي"، حيث تم بالتدريج تغييب العمل الجماهيري لحساب العمل الأمني (تجاه الجماهير) والتنافس على السيطرة على الشارع. من خلال مبالغة الفصائل في استعراض سيطرتها تحول العديد من فعاليات الانتفاضة إلى شكل من العقاب الذاتي الذي أضر بالفلسطينيين أكثر مما أزعج الاحتلال، ومثال على ذلك الإضرابات المتكررة التي صارت في النهاية وسيلة لإظهار كل فصيل أكثر مما هي وسيلة احتجاج وضغط، فبات من المضحك مثلا أن تقفل المصانع الفلسطينية وتتوقف عن الإنتاج التزاما بالإضراب، في حين يواصل من يعمل في المرافق الإسرائيلية التوجه إلى مكان العمل خوفا من الطرد!

ثالثا: تجميد كل محاولات الاقتصاد الشعبي والاعتماد الذاتي وربط العمل الانتفاضي بالأموال التي أغدقت بغزارة ومن كل القيادات على الأطراف الموالية، مما أدى إلى إضعاف النخبة المناضلة وتقوية أو خلق قيادات بدون محتوى سياسي يحركها المال، وهذه بدورها وجدت بفعل الأزمة الاقتصادية والبطالة قاعدة تنظيمية من المرتزقة من أجل تعزيز سلطتها.
رابعا: تضخم الأجهزة الأمنية والقوى الضاربة على حساب المنظمات الجماهيرية ومنافسة الأولى للثانية حتى على السيطرة على الجامعات والمدارس وأماكن العمل السياسي الجماهيري. تمّ هذا من أجل توفير قاعدة أمنية واستخباراتية لسلطة الحكم الذاتي المنتظرة تمكنها من قمع معارضي الاتفاق ومن تلبية استحقاقاته الأمنية. وهنا وقعت الحركة الإسلامية بنفس الفخ حيث سخرت جزءا هاما من قواها في المواجهة مع فصائل منظمة التحرير، واستغلت الإيديولوجيا الدينية في هذه المواجهة بل ووصل الأمر ببعض دعاتها إلى تكفير أعضاء وقيادات التنظيمات الأخرى، وانهمك أعضاؤها في محاولة فرض الحجاب وملاحقة ذوات السراويل الضيقة في الأزقة عوضا عن تصعيد المواجهة ضد الاحتلال. هذه الحرب الأيديولوجية بالذات أفقدت الحركة الإسلامية طابعها الشعبي وإمكانية تكوين بديل سياسي، حيث أدت وقتها إلى نفور النخب العلمانية المعارضة للاتفاق عن التعاون مع الإسلاميين، ولم تساعد أسلمة بعض شرائح المجتمع على درء اتفاق أوسلو ولم تحم الانتفاضة من التصفية.

خامسا: اصطناع حالة من الفوضى وانعدام الأمن عن طريق نشر عصابات من البلطجية المحسوبين على فصيل معين للسيطرة على الشارع والتحرش بالناس، علاوة على التحرشات بين الشلل المحسوبة على نفس التنظيم، مما خلق حالة من الإحباط والتململ لدى الناس ودفعهم لتقبل أي حل يعيد الأمان والنظام، وهكذا يأتي رب نعمة هؤلاء البلطجية ليفرض النظام (ونفاجأ فيما بعد بالبلطجية أنفسهم داخل تلك الأجهزة المكلفة بحفظ النظام!)

سادسا: نتيجة لعدم وجود برنامج سياسي بديل لدى الفصائل المعارضة، تبدأ كل منها بحشد قواها واستعراض شعبيتها أمام الأخرى وبدون محتوى سواء في الانتخابات أو بعرض العضلات، مما يؤدي إلى تمييع الموضوع في نزاعات هي في أغلبها شبه قبلية وبدون برامج سياسية، ليتم تمرير الاتفاق وتقبله بذريعة الوحدة الوطنية ودرء خطر الحرب الأهلية
هذه كانت الآلية التي أنهيت فيها الانتفاضة الأولى التي لفظت أنفاسها الأخيرة في اشتباكات فتح وحماس وبتنافسهما في انتخابات الغرف التجارية عام 1993 والتي صرف عليها الملايين من الدولارات دعاية وشراء للأصوات ليتم بعدها تمرير اتفاق أوسلو المشؤوم، وما أشبه اليوم بالبارحة حيث يتم وبنفس الآليات تفريغ الانتفاضة وتمرير ما يسمى بخارطة الطريق التي ما هي إلا استسلام تام لإرادة العدو وهدر لكل التضحيات التي قدمها شعبنا خلال الأعوام الماضية.

الجمعة، نوفمبر 11، 2005

التنسيق الفلسطيني والمتكّة الطائرة

المتكّة أو المكتّة هما المصطلحان الشائعان في اللهجة الفلسطينية لكلمة "منفضة سجائر" تعبيرا عن موضع الـ "تكّ" أو الـ "كتّ" وهو نقر أو ضرب السيجارة بإصبع الإبهام لإسقاط الرماد، ويقال لها في تونس "الطقطوقة"، وهي بمختلف مسمّياتها أداة تستعمل في الدول المتحضرة لجمع رماد السجائر ولإطفائها، وأيضا لجمع فضلات أخرى صغيرة حفاظا على نظافة المكان، وكذلك للزينة، ولنا فيها مآرب أخرى. وهذه المآرب الأخرى هي بيت هذا "القصيد".

أما عن علاقة الطقطوقة (سنستعمل هنا التعبير المغاربي حتى لا نتهم "وكلنا في الهم شرق" بالإقليمية الفلسطينية وكذلك لرشاقة المصطلح وانتبه هنا إلى الرشاقة!) بمجلس التنسيق الفلسطيني الذي التمّ شمله في إحدى العواصم الأوروبية من أجل "لم الشمل" و "توحيد الصفوف" و "تفعيل العمل" وطبعا أيضا "مآرب أخرى" ظهرت من أجلها المآرب الأخرى للطقطوقة البريئة التي توضع عادة على طاولة الحوار هائل الخطب ملتهب السجائر، فإذا هي سلاح طائر ينقض عبر سماء الطاولة على هدفه مخلّفا سحابة من الغبار ليحط على رأس المخالف الذي لن يجد وقتا لاستيعاب الحمية الوطنية التي دبت بالرامي فاستلها فسددها فأرسلها، وكما قال العرب قديما : "قطعت جهيزة قول كل خطيب

طبعا هذا يتم أحيانا بداعي الدفاع عن القضية الوطنية التي تبدو للرامي هشة لدرجة اهتزازها أمام كل رأي مخالف، أو بداعي تفاقم الحوار الوطني إلى درجة المس قولا ببعض الأعضاء التي تخص أم أحدهم (هنا يجب الانحناء سلفا لتفادي الطقطوقة)، ولكن المهم أن هذا المظهر "الديمقراطي العفوي" يتم بشكل منهجي يعكس رؤية استراتيجية واضحة لدى المقربين من السلطات التي تستشعر بقرون حساسة خطر التغيير والديمقراطية فتعمل على خنقهما في المهد، وهنا نشهد لهذه بأدائها الفعال الذي ينهي الحوار باشتباك ثم يصالح بين ذوي القربى في مهرجان "وحدة وطنية".
الآلية معروفة للجميع، ولنتحف القارئ بمثال
:
- من أنت (أو ما حجمك، من تمثل، لمصلحة من) حتى تقول هذا الكلام؟
هذا يستتبع الرد بالأحسن:
-"أنا أشرف منك وإن تشاء أريك من أنا!
وعاجلا أم آجلا تأتي الطامة الكبرى بـ -"إحترم نفسك!"
لينتقل الحوار الوطني جدا إلى مفردات لن يسمح بنشرها حتى يصل الحوار إلى استخدام سلاح الدمار الشامل: الطقطوقة!
الطقطوقة هي شعار المرحلة السرمدية العربية عرفناها وسمعنا حكاياتها منذ أول اجتماع وزراء خارجية عرب إلى آخر لقاء للفعاليات الفلسطينية جدا في عاصمة أوروبية هامشية جدا سبقه اجتماع أول لتأسيس مجلس تنسيقي في فترة انعدام الرؤيا وانتهى الثاني بالضربة القاضية بالطقطوقة بعد أن "وضحت الرؤيا
ملحوظة: هذا المقال كتب قبل تفاقم الحوار الوطني الفلسطيني في ذلك المكان الهامشي جدا والذي لن نذكره هنا لنفادي سقوط طقطوقة من إحدى النوافذ، هذا وما زال الحوار الوطني مستعّرا وما زال الجرحى في تساقط بانتظار تدخل أولي الأمر لحل الأزمة في صلح عشائر وفنجان قهوة مرة، مؤكدين على أن الوحدة الوطنية هي ضرورة وحتمية تاريخية وقد باتت على مرمى حجر.. أو طقطوقة!

الخميس، نوفمبر 10، 2005

صورة حمراء

أشعل سيجارته الأخيرة واستلقى يحدق في الصورة الحمراء على الحائط. إلى أين تتجه تلك النظرة الصارمة تتوسطها النجمة الخماسية على القبعة؟ تساءل عن سر تلك الصورة التي تدفعه إلى خيانة موقعه الطبقي! نظر إلى نفسه في المرآة، "أستطيع أن أبدو مثل غيفارا لو أملت قبعتي إلى اليسار قليلا وحاولت التظاهر بالصرامة!"
ربما راود ذهنه تتبع حياته ليصل إلى النموذج الثوري الذي يتصوره، حسنا من أين نبدأ؟ دون كيشوت؟ "لا أعرف إن كنت قد رأيت الترجمة العربية في أي من آخر المكتبات المتبقية في المدينة" قالها وهو يتابع دخان سيجارته يظلل الصورة ويزيدها سحرا. الجميع يدخن في مقهى الطلبة، "أحد الأمراض اليسارية المزمنة" قالها له يوما أحد الزملاء. نظر إلى الصورة بعتاب وأخذ بنهم نفسا عميقا السيجارة. أين كنا؟ نعم عند دون كيشوت! "ربما عثرت على السيرة الهلالية بين كتب الوالد! شيئا فشيئا بدأت أفهم اهتمامه بالتراث" على العموم هذا ليس بتلك الأهمية، لكن رحلته الطويلة تلك عبر أميركا اللاتينية أيام الدراسة… "لو كلمت الرفاق وقمنا برحلة مثلها في ربوع…" ابتسم وهو يطفئ السيجارة في ركام الرماد, بالوثيقة التي يحملها لن يتجاوز الكيلومتر الخمسين ولن يشفع له اسم العائلة التي ينتمي إليها، الحدود أصبحت أكثر إحكاما مما مضى والتشرد صار تهمة يعاقب عليها القانون. كلا لن يغامر بطرح الفكرة على الرفاق في المقهى، لقد تغيروا هم أيضا وبدأ كل بالهروب من ثورية عقيمة إلى واقعية أكثر عقما. نظر إلى المرآة مرة أخرى وتخيل نفسه في الدور لحظة الانفصال عن الرفاق والمضي في درب مجهول نحو الخلود. حتى لو غادر بلد الأقزام هذا فلا شيء يضمن اللقاء بأحد العمالقة في أقاصي هذا الوطن الكبير. حاول إضفاء تعبير صارم على سحنته. أعجبته فكرة المضي هذه. واتته ضحكة مفاجئة، ربما تذكر نفسه كطفل عندما دار بخلده مرارا ترك المنزل وأمضى ساعات مختبئا في حديقة الجيران، قبل أن يعاوده الجوع وينسى الموضوع برمته. تحسس علبة السجائر الفارغة وانقطع حبل أفكاره، فمن دون اللفافة يفقد التفكير لذته ويفقد انعكاسه في المرآة ألقه "الثوري".
أن تكون تشي غيفارا يعني أن تتصرف مثل غيفارا لا أن تبدو مثله" ، قالها له يوما أحد الأصدقاء. "لم أره منذ تزوج" قال لنفسه وهو يرتدي ثيابه. الساعة الآن السابعة والنصف ويجب الإسراع إلى الملتقى. سيكون الحوار ساخنا هذه الليلة. الحوار ساخن كل ليلة هناك. ربما يطرح موضوع الرحلة، ربما يعيد الجملة التي قالها صديقه يوما. على الأغلب سيلتزم الصمت وهو يسبح في دخان سيجارته متأملا فتاة ما على الطاولة المجاورة.
عدل وضع قبعته أمام المرأة وألقى نظرة أخيرة على الصورة وهي تتألق في ضوء الشارع وقد بهت لونها وصارت جزءا من الحائط. أمال قبعته إلى اليسار قليلا وأغلق الباب، وبقيت الصورة تتألق وحيدة على الجدار.

فيينا، خريف 99

وأهلي كلما بنوا قلعة
هدموها
لكي ينصبوا فوقها
خيمة للحنين إلى أول النخل ِ
أهلي يخونون أهلي
في حروب الدفاع عن الملح ....
محمود درويش

الأربعاء، نوفمبر 09، 2005

كلمات

في رواية "باب الشمس" للكاتب العربي اللبناني إلياس خوري يقول الراوي على لسان بطل الرواية "يونس": "المشكلة اليوم أنه لم يعد لدينا ما نقوله. ليست المسألة هي السلاح فلدينا منه ما يكفي، ولكن الكلمات هي التي نفذت"، ويونس هو مناضل فلسطيني قديم شار ك منذ صغره كل معارك الثورة الفلسطينية من الأربعينيات إلى ما بعد معركة بيروت، ليسقط بعيد توقيع اتفاق أوسلو ضحية جلطة دماغية ترسله إلى غيبوبة تامة، ويحاول ربيبه خليل أن يبقيه على قيد الحياة بالحديث إليه ساردا كل تفاصيل الحكاية… ما علينا
المهم هو أن الكلمات فعلا توشك على النفاذ أو نفذت، فالكلام هو وسيلة للتواصل من أجل القيام بفعل معيّن، يقود إلى وضع جديد يكون الأرضية لكلام جديد، وهكذا، أما إذا تناثرت الكلمات سدى فإنها تفقد معانيها، فأجمل قصيدة أو قطعة موسيقية إذ أعيدت في كل مناسبة يقتلها التكرار تغدو باهتة مملة. أي أن العيب ليس في الكلمات بل في غياب الفعل، أي بتحول الكلام إلى هدف بحد ذاته يؤدي بكل من القائل والمتلقي إلى نوع من الإشباع والراحة وطبعا يساعد على ذلك جمال لغتنا التي تعطي للأشياء لونا وطعما ورائحة أي ثلاثة أبعاد متخيلة، فيبدو القول فعلا وشيئا ملموسا ويدرك شهريار الصباح.
فالقضية العربية أو الفلسطينية "تمرّ" منذ عشرات السنين بـ "منعطفات خطيرة" تتطلب "رص الصفوف" و "حشد الهمم" لمواجهة "التحدي التاريخي" والمؤامرة الدنيئة" التي يتعرض لها شعبنا "الباسل" و "على كافة الأصعدة". نفس الكلام نطالعه في معظم الأدبيات السياسية (هذا إذا ترفعنا عن مناقشة بعض الأدبيات التي تكتفي بالدعوة لولي الأمر أن يهديه الله إذا أخطأ وأن يسدد خطاه للنهوض بالأمة!)، ولا أحد يدخل في التفاصيل إلا بدعوة لـ "وقفة" محاسبة مع الذات لاستخلاص العبر ولمكافحة الفساد الظواهر السلبية أو المنتفعين الذين أحاطوا بالمشروع الوطني، وطبعا دون الإشارة للمعنيين أنفسهم الذين لا مانع لديهم من الانضمام للجوقة والتنديد بالفساد والمناداة بمكافحته، طبعا مع بعض التوابل بعبارات الديمقراطية والشفافية …إلخ، وهكذا تبقى كل مقولات الإصلاح حبرا على ورق أو كلاما في الهواء إذ لم تشر للمفسدين، أو تتحول إلى عملية جلد ذاتي للمجتمع أو الثورة أو الحركة التي "أنتجت ثقافة تتيح الفساد"، أي تتحول إلى بلاغ ضد مجهول.
مزيد من الأمثلة؟ إليكم:
بعد كل عملية اغتيال لأحد المناضلين تصدر البيانات وتدعو لأخذ الحذر والحيطة واستخلاص العبر ومكافحة العملاء (مع التعهد بالثأر)، لنستيقظ بعد أيام على خبر اغتيال مناضل ثان في نفس المنطقة وبنفس الطريقة!
بعد كل اشتباك طائفي أو بين حزبين أو بين شلل داخل إطار واحد، يصدر بيان يستنكر الأحداث المؤسفة ويدعو للوحدة الوطنية ويشكر المواطنين الشرفاء الذين ساعدوا على فض الخلاف والمصالحة، ويبقى الوضع المسبب على ما هو عليه ولا يتم تناول خلفيات الإشكال ناهيك عن محاولة إيجاد حل ما، لتصدر بعد مدة وجيزة بيانات جديدة وعن أحداث مؤسفة وعلى ذات الخلفية.
جمعية عربية فاشلة تتحكم بها "ثلة من المحترمين" تعقد اجتماعها "السنوي" كل خمسة أعوام لتجدد "البيعة" لنفس الأفراد، وكل مرة تصدر دعوة وتتحدث عن دعوة لاجتماع عام تناقش فيه الأزمة العامة والأزمة التي تمر فيها الجمعية وسبل الإصلاح وإيجاد أطر أكثر ديمقراطية، ويجتمع الأعضاء الذين تم طوال الوقت نسيان وجودهم، وبدلا من ا لبحث عوامل وأسباب الفشل (أي المتسببين فيه)، يتحدث هؤلاء بالذات عن فتح صفحة جديدة ونسيان الماضي وموعد انتخابات قريب، ولا تعقد هذه الانتخابات إلا بعد التأكد من تثبيت نفس الأفراد لتعود الجمعية إلى سباتها لأعوام أخرى.
هذه أمثلة بسيطة لرؤية أن كلمات نبيلة مثل "الديمقراطية" و"الإصلاح" و"الثورة" و"الشفافية" و"المحاسبة"، ناهيك عن "الجماهير والنضال والعمل الوطني" فقدت بفعل التضخم في تكرارها أي معنى أو أثر إذ لاكها كل من هب ودب وبدون فعل حقيقي، فبات المواطن العربي حاملا للمناعة ضد الكلمات، فاهما و"يتغابى" وينتظر قدوم مسيح أو مهدي من السماء ليسد حاجة الأمة إلى نبي ما.
الجميع تقريبا يعرف ما هو المطلوب ومتفق تقريبا على تحليل الموقف. يبقى فقط الاقتناع بضرورة المبادرة بالعمل المنهجي، أي العمل المنظّم، أي ضرورة التنظيم، لتعود للكلمة معناها، وتعود إلينا اللغة فيعود الوطن.