فشّة خلق على شرف شارلي هيبدو
وسط فرحة اليمين العنصري واليسار الدارويني الفرنسي، صدر حكم المحكمة الفرنسية لصالح جريدة شارلي هيبدو وفشلت الدعوى التي رفعتها المنظمات الإسلامية على الجريدة بحجة "الإساءة إلى مشاعر المسلمين"، ومن المعروف أن الجريدة قد وجهت صفعة مدوية لما عرف وقتها بحملة نصرة الرسول، عندما قامت، تضامنا مع فصل الصحفيين المسؤولين عن إعادة نشر الكاريكاتيرات الدانماركي في بعض الصحف، بإفراد عدد كامل لموضوع محمد والإسلام وقضية الكاريكاتيرات، تناولت فيه الرسول الكريم والله نفسه شخصيا، وبالمرة كل الأديان الأخرى. أنظر التفاصيل وبعض الأمثلة.
حكم المحكمة تضمّن الإشارة بأن بعض الرسومات قد تجرح مشاعر بعض المسلمين، لكن نفى أن تكون الجريدة قد تعمدت الإساءة إلى المسلمين، يعني الجريدة كانت تمزح معكم يا شباب.
طيّب
شارلي هيبدو كشفت زيف ونفاق حملة نصرة الرسول التي عمت آنذاك العالم الإسلامي وأظهرت الوجه الانتقائي لفحولة الجماهير الإسلامية التي أرغت وأزبدت عندما تعلق الأمر بالدانمارك، في حين ترفعت عن الرد على "تفاهات الفرنسيين" التي لا تطول قامة الرسول الكريم، فسلمت ألبان دانون (وسجائر الغولواز، بحمد الله وشكره)، ونجى علم فرنسا من الأكسدة في الهواء الطلق.
طيّب أنا ليش فرحان؟
من حق منظمات وأحزاب اليمين الفرنسي، والكنيسة، وأقطاب الدولة، وأطياف اليسار، وحزب الخضر، من حقهم جميعا أن يفرحوا لهذا الحكم الذي ينتصر من وجهة نظره للديمقراطية الأوروبية في وجه التطرف الظلامي، ولحرية التعبير في وجه الكبت الديني. من حقهم أن يفرحوا كثيرا، خاصة مع كونهم قد خسروا، ومنذ السبعينيات كل الدعاوي التي رفعوها على صحيفة الكاركاتير المتمردة التي لم يسلم من ريشتها حتى الله والشركات التي تموله (آخرها الدعوى التي رفعت علىالجريدة قبل ثلاث سنوات لأن أحد رسوماتها دعى إلى اغتيال جاك شيراك)، فا "إشمعنى" يعني يكسب الإسلاميون دعواهم؟ هذا مع العلم أن الجريدة هي في الواقع خليفة جريدة "هاراكيري" التي منعتها الديمقراطية الفرنسية عام 1969 لأنها "لم تحزن كفاية" على وفاة شارل ديغول.
القيادات الإسلامية في أوروبا، كشأنها في العالم العربي، لم تحرك ساكنا لكل البهدلة التي تعرضت لها "أمة لا إله إلا الله"، وحرصت دوما على "ضبّ" المسلمين في الجوامع حتى لا يلعبوا في الشارع وتدهسهم السيارات، لتخرج في حملة محمومة ضد بعض الرسومات (الدانماركية طبعا)، قامت أيضا بـ "ضبها" والاعتذار عنها بعد أن دارت بها بضع لفّات للترويح على النفس، قبل العودة إلى الجامع، ساعة فساعة.
نعم الحركة الإسلامية تتصدر اليوم المواجهة ضد العدو الإمبريالي، ولابد من مساندتها في هذه المواجهة، خاصة بعد ما "فسحل" اليسار، وبصراحة فإن التنوير والعلمانية ليسا شيئا بديهيا، ويمكن أصلا اعتبارهما مرحلة استثنائية من تاريخ البشرية تطلبها تطور رأس المال الأوروبي وأدت دورها التاريخي وهاهو اليوم يسحبها ويتراجع عنها تدريجيا (اليمين الفرنسي الذي شمت بالمسلمين باسم العلمانية وحرية التعبير، هو نفسه من يطالب بإعادة التأكيد على الهوية والقيم المسيحية في أوروبا، وهو من أصدر قانونا بمعاقبة من يهين النشيد والعلم الوطني الفرنسي، وهو من سيمنع الجريدة فيما بعد، بتهمة التطاول، لكن هذا موضوع آخر).
نعم الأولوية الآن لدحر الغزاة الإمبرياليين ولا بأس من التمترس وراء الدين، خط دفاعنا الأخير، ولكن....
لكن الآن "خلينا في موضوعنا": مشكلة "إخوانـ"نا المسلمين هي ببساطة أنهم لا يضحكون للرغيف الساخن. مشكلتهم الفهم المنقوص وتسطيح وتسخيف كل عمل فني أو أدبي أو موسيقي لا يحمل رقية الشيخ (ويستشيطون غضبا إذا نوهنا إلى سخافة بعض ما يقدمونه، ويتهموننا بالكفر إذا لم تعجبنا موسيقى الكيبورد غير الوترية). طبعا أستثني هنا حزب الله، فحسن نصر الله لديه على الأقل قدرا من الدعابة قد يعتبره سفر الحوالي خروجا رافضيا عن الوقار الإسلامي.
ليس لدي مشكلة مع الحركة الإسلامية، ثقل دمها حاليا هو بكل الأحوال أفضل سماجة الفتحاويين ومن تنكيت "يسار" رام الله، لكن على المدى البعيد سيتوجب علينا أن نتدرب على الابتسام بوقار عندما تروى للمرة الألف النكتة النبوية (لا تدخل الجنة عجوز)، وعلى أن نضحك "في عبّنا" إذا صدف ورأينا، إذا بقي هناك، ما يضحك، حتى لا نخل بالنظام.
نظرة واحدة إلى رسومات الفلسطينية (مع كل الاحترام لألقاب: المناضلة، زوجة الشهيد، أول رسّامة كاريكاتير أنثى) أمية جحا تكفي لأخذ فكرة عن مستقبل الكاريكاتير في عهد "الصحوة".
لنتغاض قليلا عن ثقل الدم، وأصلا الرغيف السخن لا نراه حتى نضحك له، لكن ليكن غضبنا على الأقل في موضعه! .............
سحقا للغزاة، دايسكي!
******
مرة واحد ضرب التاني على قفاه، فجأة، هيك
التاني: هاي جدّ ولا عم بتمزح؟
الأول: لأ هاي عن جد يا إبن الشرموطة
التاني: آه ما دام جد أوكي، لإني ما بحب المنيكة أنا!